إقليم شفشاون حيث حادثة الطفل ريان، إقليم منكوب..
إقليم يسجل اكبر عدد لحالات الانتحار كل سنة..
إقليم يعرف نسب قياسية للفقر..
اقليم يتميز بظروف طبيعية جد صعبة..
درجة الحرارة تعرف مستويات دنيا قياسية في فصل الشتاء..
اشتغلت في هذا الإقليم 7 سنوات منها 3 سنوات بالمنطقة حيث الطفل ريان.
كنت أرى مشاهد تدمي القلب.
تصوروا ان درجة الحرارة دائما تحت الصفر والأطفال (التلاميذ)، يحضرون إلي للفصل دون أحذية وبملابس ممزقة.
كنت اطرح اسئلة على نفسي، كيف لهؤلاء الأطفال ان يدرسوا ويركزوا معي وهم في تلك الحالة.
كلما أُدير رأسي من السبورة وأنظر إلى الاطفال وخاصة على مستوى القدمين حيث لا يرتدون إلا نعالا بلاستيكية ممزقة والبرد قاااارس خاصة في الفترة الصباحية، فأقف متسمرا.. ما هذا الوضع؟
واش هذه هي منطقة الكيف اللي تيقولوا ناسها عندهم الفلوس؟ واش هذه حالة لناس عندهم الفلوس؟
لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما المرأة هناك، فوضعها جد صعب. تجدها تشتغل في الحقول منذ 5 صباحا. واش عرفتوا ماذا تعني الخامسة صباحا في منطقة باب برد وتموروت وبني رزين...؟ الخامسة صباحا يعني أنك لا تحس بأطرافك نهائيا من شدة البرد.
وكذلك، واش عرفتوا علاش تتسجل المنطقة اكبر عدد في حالات الانتحار؟ لانه كاين الفقر المذقع اضافة الى الظروف الطبيعية الصعبة و عدم وجود الامكانيات للتغلب على هذه الظروف.
والمواطن هناك يمل من العذاب اليومي ولا يرى امامه اي أفق لتجاوز ما يعيشه من محن..
كان تيقرى عندي واحد التلميذ وسمعت أن امه انتحرت. وعندما بحثت في الموضوع اكتشفت أن امه ونظرا لحالة العوز التي تعيش تزوجت رجلا مسنا وكان له اولاد مع زوجاته السابقات، ولما اشتدت عليها الاعتداءات من طرف الزوج واولاده السابقين اختارت الانتحار وتركت اطفالا صغار..
واش عرفتوا ما معنى ان تقدم على الانتحار وهي تعلم انها ستترك ابناءها وفلذات كبدها صغارا؟
اتمنى من الدولة أن تلتفت إلى هذا الإقليم وتكون واقعة المرحوم ريان سببا للاعتناء بساكنة شفشاون، وان تفهم الدولة بأن ساكنة منطقة الكيف عموما، لم تجنِ من هذه النبتة، غير الويلات وبأن المستفيدون الحقيقيون هم الأباطرة الكبار.
اما الفلاح المسكين مثل اب ريان فليس له الا الفقر والبؤس.
✍ عبد الوهاب السحيمي
